وطنُ ورجالُ ونيس القذّافي رجل مِن رجالات بناة دولة ليبَيا الحديثة
وطنُ ورجالُ
ونيس القذّافي رجل مِن رجالات بناة دولة ليبَيا الحديثة
ونيس محَمّد القذّافي المولود فِي مدينة بّنْغازي سنة 1922م، أحد أبناء الوطن المُخلصين، وأحد ألمع الإداريين الِلّيبيّين فِي أبناء جيله، ورئيس المجلس التنفيذي لولايّة برقة، ووزير الخارِجِيّة فِي عهد رئاسة السّيِّد محَمّد عثمان الصيّد للوزارة، ووزير الدّاخليّة ثمّ التنميّة والتخطيط فِي الحكومات الّتي تلت حكومة الصيّد، وآخر مَنْ تولّى رئاسة الوزراء فِي المملكة الِلّيبيّة، بِالإضافةِ إِلى منصب سفير ليبَيا لدى ألمانيا الاتحاديّة.
انخرط ونيس القذّافي فِي صفوف العمل الوطنيّ ومقاومة المستعمر الإيطالي مبكراً وعمرة لم يتجاوز (13) ثلاثة عشر عاماً، وصدر ضدَّه حكم غيابي بالإعدام شنقاً، فهاجر إِلي السّودان العام 1937م وعاد منها إِلي الوطن سنة 1943م. تزوج مرتين، الأولى مِن السيدة عائشة النيهوم وأنجب منها: نجيب وفوزي وفوزية وأمينة، والثانيّة مِن السيدة أمل شنّيب الّتي تزوجها فِي عام 1956م، وأنجبت له: ماجد (1957م – يوليو / تموز 2013م) ومعتز ومُحسن، وبنت واحدة هي السيدة ماجدة الّتي جاءت فِي الترتيب بعْد السيد معتز. كانت السيدة أمل شنّيب (1935م – 27 مايو / أيّار 2015م) أحدى رائدات التعليم فِي ليبَيا (مديرة المدرسة الثانويّة للبنات، ومديرة معهد المعلمات) وأحدى ناشطات العمل النسائي وَمِن السيدات الِلّيبيّات المُثقفات والفاعلات فِي مجتمعها، وهي ابنة السيّد عُمر فائق شنيب (1889م – 8 أغسطس / أب 1953م) الوطنيّ الغيور والسّياسي الكبير.. أحد المهاجرين الِلّيبيّين ببلاد الشام الّذِى كرس حياته ووقته كله لأجل تحرير ليبَيا مِن الاستعمار الإيطالي وتحقيق وحدة الوطن واستقلاله.. وأحد مؤسسي جيش التَّحرير (الجيش السّنوُسي) غداة تأسيسه فِي التاسع مِن أغسطس / أب 1940م فِي المنفى في مِصْر.. ورئيس الوفود الِلّيبيّة بهيئة الأمم المتَّحدة عامي 1948م – 1949م، الّتي حققت بعون الله وفضله استقلال ليبَيا والّذِي تولّى حقيبة الدّفاع بعْد استقلال ليبَيا فكان أوَّل وزير دفاع فِي تاريخ ليبَيا كمَا كان رئيساً للدّيوان الملكي.
ترأس السّيِّد ونيس القذّافي لجان تحقيق إداريّة في عدد مِن القضايا، وتولّى عدة مناصب إداريّة رفيعة المستوى فِي الدولة الِلّيبيّة قبل أن يصبح فِي عام 1960م وزيراً للخارِجِيّة في عهد رئاسة السيّد محَمّد عثمان الصيّد للوزارة. تولّى في عهد السيّد محَمّد عثمان الصيّد والّذِي استمرت حكومته مِن 16 أكتوبر/ تشرين 1960م إِلى 19 مارس / آذار 1963م، حقيبتي الخارِجِيّة ثمّ الدّاخليّة والّتي تولاها قبيل سّقوط الحكومة بأقل مِن أسبوعين عقب أزمة نشبت بين السيّد محَمّد عثمان الصيّد رئيس الحكومة والسيّد أحمَد عون سوف وزير داخليته.
عُينَ فِي حكومة الدّكتور محيى الدّين فكيني الّتي استمرت مِن 19 مارس / آذار 1963م إِلى 22 يناير / كانون ثاني 1964م، وزيراً للدّاخليّة. وعُينَ وزيراً للتنميّة والتخطيط فِي التعديل الأوَّل فِي وزارة السّيِّد حسين مازق بتاريخ 2 أكتوبر / تشرين أوَّل 1965م، وأستمر فِي نفس المنصب الوزاري حتَّى بعْد تولّي السّيِّد عبْدالقادر البدري للوزارة فِي صيف 1967م والّتي استمرت مِن 1 يوليو/ تموز 1967م إِلى 25 أكتوبر / تشرين أوَّل 1967م. وتولّى نفس المنصب (وزير التنميّة والتخطيط) فِي عهد السّيِّد عبْدالحميد البكّوش، وقبل إجراء التعديل الأوَّل حيث عينه فِي أوَّل تعديل بتاريخ 4 يناير/ كانون ثاني 1968م وزيراً للخارِجِيّة.
تولّى السّيِّد ونيس القذّافي رئاسة الوزراء فِي 4 سبتمبر / أيّلول 1968م، وافتتح يوم 17 نوفمبر / تشرين ثاني 1968م جلسات البرلمـان الِلّيـبيّ، وأستمر فِي رئاسته لمجلس الوزراء حتَّى 31 أغسطس / أب 1969م حيث استولى معمّر القذّافي ومجموعة مِن صغار الضبّاط على السّلطة فِي يوم الأوَّل مِن سبتمبر / أيّلول 1969م. اعتقل بعْد الانقلاب وحُكم عليه مِن قبل مَا كان يُسمّى (محكمة الشّعب) بالسجن لمدة عامين.
أعتقل أبنه فوزي فِي فترة مِن الأوقات، وَفِي بدايات الثمانينيات اعتقل أبنه الأصغر (مُحسن) وقضى فِي السجن أكثر مِن سبع سنوات ومِن سنة 1981م إِلى 1988م حيث أُفرج عنه مع عدد مِن المساجين السياسيين فِي 2 مارس / آذار 1988م. ويُذكر أن محاكم معمّر القذّافي كان قد أصدر حكماً بسجنه مدى الحيَاة (مؤبد) ثمّ تمّ تخفيف الحكم إِلى سبع سنوات.
وَفِي شهر يونيو/ حزيران 1996م، تمّ اعتقال فوزي (مهندس اتصالات – شركة الخليج العربي / مدينة بّنْغازي) مجدَّداً، وحُكم عليه بالسجن المُؤبد، ولكنّ تمّ الإفراج عنه فِي الثّاني مِن 2 مارس / آذار 2006 م ضمن مجموعة مكّونة مِن (130) سجين مِن سجناء الرَّأي.
منحت للسّيِّد ونيس القذّافي بعض الأوسمة مِن المملكة الاردنيّة الهاشميّة والمغرب وتونس بِالإضافة إِلى وسام الاستقلال. وأنتقل إِلى رحمة ربه آثر أزمة قلبية فِي شهر ديسمبر / كانون أوَّل 1986م، ودفنَ بمقبرة سيدي عبيد بحي الصابري فِي مدينة بّنْغازي.
رحم الله السّيِّد ونيس القذّافي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .. ورزق الله وطننا الغالي الّذِي يعاني الفرقة والقتال والتطرف والنزعات الجهويّة وعصابات المال والسّلطة، برجال مُخلصين مِن أمثال ونيس القذّافي وأبناء جيله مِن الآباء المُؤسسين الّذِين نهضوا بليبَيا مِن عدم، وصاغوا خارطة طريق للدولة المدنيّة الحديثة ونظموا علاقتها بالعالم.. دولة حققت الوحدة والتنميّة والحريّة واحترام مواطنيها وسيادة القانون والعدالة بكلِّ تصنيفاتها.. وسلام وتحِيَّة إِلَى رُوحه الطَّاهرة فِي علياء ملكُوتِهَا.
ورحم الله ذلك العقل المدبر، صاحب النظرة الثاقبة والحكمة العميقة، التَّقِي الورع الّذِي جَاوزْنَا بأنفاسِه المحن والكروب.. السّيِّد إدْريْس السّنوُسي المُجاهد والسّياسي وصانع الإستقلال وأبانا الّذِي لم نعرف أباً سواه.
ملحوظة: قد سبق أن نشرت جزء مِن هذا التعريف فِي الجزء الثالث مِن سلسلتي المنشورة تحت عنوان: (هَدْرَزَة في السّـياسَةِ والتاريـخ / المَلِك.. العـقيد.. المُعـارضة الِليبية
شكري السنكي
تعليقات
إرسال تعليق