غنّاوة علم إلى الملك إدريس رحمه الله .... دكتور جمال الهنيد

غنّاوة علم إلى الملك إدريس رحمه الله
(مقال بمناسبة ذكرى الاستقلال)
بعد أن نالت ليبيا استقلالها يوم ٢٤ ديسمبر ١٩٥١ باعتراف منظمة الأمم المتحدة، وتنصيب الأمير إدريس السنوسي ملكاً عليها، باشر الإدريس الأول دوره الريادي في الرقي بشعب كان قد خرج من الحرب العالمية الثانية منهكاً وفقيراً ومعدماً، تفتك به المجاعة والأمراض ونسبة الأمية فيه أعلى من ٩٥٪؜. 

وكان رتل الملك إدريس رحم

ه الله يمر بالمدن والقرى في رحلاته المتكررة من طبرق مكان سكنه إلى البيضاء مقر مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

ووقف الملك ذات مرة على قرية عين مارة التي كان يرتاد عينها ويشرب من زُلال ساقيتها عندما كان شاباً، وتذكّر أنَّ أحد أصدقاء سنوات الطفولة والصبا من هذه القرية فسأل عنه، ولما أُخبر بمكانه، انطلقت إحدى سيارات المراسم مسرعة لاستدعائه لمقابلة الملك.
كان صاحبنا ذاك قد شارك في الجهاد ضد الغزاة الإيطاليين مُذ كان صبياً، لا يكاد يبلغ سن الحلم، حتى أن البندقية إذا وضعها على كتفه، لامست فوَّهتها الأرض لصغر سنّه وقصر قامته فهو لم يشب آنذاك بعد.

أبلى صاحبنا في صغره بلاءًا حسناً مع شيخ الجهاد عمر المختار وشارك في كثيرٍ من "الأدوار". وعندما وضعت الحرب أوزارها، عاد إلى قريته لأنه لم يكن ممن يمنون على الوطن بجهادهم، وينشدون ثمناً دنيوياً لما قاموا به من واجب، ولم يكن من المتسلقين الإنتهازيين، الذي تسابقوا للحصول على المناصب العالية في الحكومات المتتابعة، فآثر صاحبنا - على كبر سنّه - أن يعمل خفيراً في محطة مياه الدبوسية حفاظا على ماء وجهه من أن يمد يده للناس يلتمس صدقاتهم. 

وكان كلما رأى - من مكان عمله - رتل الملك إدريس في الطريق العام، أخذته غصّة، لأن الملك الذي تجاهله ولم يسأل عنه، كان صديقاً له في سنوات الطفولة والصبا، وبينهما من ذكريات أيام سنوات الجهاد الأولى الكثير قبل هجرة الأمير إلى مصر وتسليمه راية الجهاد لعمر المختار التي انضوى صاحبنا تحتها. 

مرّ ذلك الشريط من الذكريات سريعاً وهو في طريقه للقاء الملك، ولما وصل؛ استقبله الملك بحفاوة، ورحّب به بعد هذا الغياب الطويل وسأله عن حاله، فأجابه صاحبنا بأدب واحترام وفي نهاية اللقاء سأل الملك صاحبنا إن كان في نفسه حاجة، فرد عليه صاحبنا معاتباً بغناوة اسعفته سرعة بديهته بإنشائها تلك اللحظات:

" حقوقه عليك كبار ... العقل غير مي ساعة عتب".

أعادة نشر .......................... مراسل طبرق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قيل عن بــرقة "سُمع عمرو بن العاص يقول على المنبر في أهل برقة: هم أصحاب عهد إن عاهدوا".

صب المر كان المر طاب .. مفيش امر من فرق الأحباب

هذا زجاج من صحراء ليبيا غالي الثمن ومستكشف حديثا وله سمعة في سوق المعادن الثمينة