لماذا قبِلوا التركي .. ورفضوا الليبي؟!


 
 
شكّل الجدل حول "إسلامية الدولة" أحد أبرز مُغذيات العنف الذي شهدته ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً .. كما شكّل الجدل حول نصوص "أسلمة الدولة" أحد أبرز مُغذيات الصراع العلني والخفي حول مسودة الدستور المقترح.. بل وتسبب فى المقايضات حول بعض مواده .. ودمر صياغات مواد أخرى .. وعطل كتابة الديباجة برمتها .
ونظراً لما ورد حيال موضوع الدستور من تدوينات وتصريحات لشخصيات اسلامية بعضها محسوب على هيئة صياغة الدستور ذاتها .. وبعضها قيادات فى جماعات إسلامية شاركت فى الجدل حول مسودة الدستور الليبي .. ومنها تصريحات غذّت – على خلفية جدل اسلامية وأسلمة الدولة - الصراع المسلح فى ليبيا بشكل عام .. اقول نظراً لورود تلك التصريحات والمواقف من شخصيات اختارات بشكل طوعي الإقامة والاستقرار فى تركيا .. بل وتحدثت عن الدولة التركية بشيء من الحماسة التى تؤكد اسلاميتها ومقارنتها بعهود "الخلافة".. حتى وصف عضو من هيئة الدستور أكبر مدنها المنفتحة بزاوية منفرجة بـ"إسلامبول" .. وافتتح فيها مفتي ليبيا السابق معهداً لتدريس الشريعة الاسلامية !!.. ونقل اليها "أثرياء فبراير" من الاسلاميين استثماراتهم ثقةً فى قوانينها الربوية .. رغم الحملة التى شُنت ايام المؤتمر الوطني على ضرورة إلغاء الربا فى ليبيا المتعثرة .. لانه سبب لسخط الله وضياع البركة .. وطالب نائب من كتلة الوفاء الاسلامية من اعضاء المؤتمر التوبة عن (8) شهور قضاها المؤتمر دون ان يلغي الربا ...الخ.
كل هذا وزياردة دفعني لمعرفة المرتكز "التشريعي" الذي تقوم عليها الدولة التركية التى أغرت كل هذه القيادات الاسلامية الليبية والعربية عموما بالاقامة فيها وتسويقهم لفكرة أنها دولة للنموذج الاسلامي الصحيح .. فما هو التشريع الذي ادى الى جعلهم يؤكدون ذلك ويسترخون فيها ويشعرون برضى الله عنهم ؟!.. وما هو الفارق فى التشريعات الذي ادى الى اعتبار مدينة مثل بنغازي "كقريش" وأن الجهاد فيها "فرض" ووجدوا عكسه فى تركيا؟!.. أقول التشريعات لان الحكم على الدولة وفق الفكر والفقه الاسلامي يتجه الى الحكم على "مرجعيتها" .. وهنا ليس المقصود نقد التجربة التركية بل نقد التجربة الليبية .. واحترم تماما الأمة التركية فى اختياراتها الديموقراطية .
من هنا إتجهت الى مرجعية الاتراك .. الى العقد الاجتماعي الذي يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم فى جمهوريتهم .. إتجهت الى الدستور قولبت مواده وإخترت منها 9 مواد وجزء من الديباجة كي اعرضها على كل الاسلاميين فى ليبيا .. من احزابهم الى شيوخهم الى دار الافتاء .. ولأقول لهم بكل هدوء : هل اذا قبل الشعب الليبي بدستور مشابه للدستور التركي ستقبلون به وينتهي الصراع؟!..هل ما سأعرضه عليكم يتفق مع ما تشترطونه على الشعب الليبي وتصرون عليه؟!.. واذا كان فى وسعكم الاقامة فى تركيا المرتبط بقبول ما ورد فى دستورها والتحاكم اليه فى معامالتكم (بما فيها مواد خاصة بفتح المعاهد والجامعات) فلماذا لم يسعكم القبول بليبيا التى لم يُقر دستورها بعد لمعرفة شكل ونوع نظام حكمها ؟!!.
فى الجزء الثاني سأعرض المواد الـ9 وجزء من الديباجة .. وفى الجزء الثالث سأقدم مقارنة بسيطة بين مواد بالدستور التركي ومواد بدستور الاستقلال.. وأمل من قواعد التيار الاسلامي خصوصاً متابعة المقالة والتفكير فيها بعمق لعلهم يهتدون الى طريقة تنهي طريقتهم العقيمة فى التعامل مع واقعهم وشعبهم .. والتى حولتهم الى طوائف دينية مغلقة وغير قابلة للشراكة السياسية .. ومُتمنّعة على التعايش مع الاطياف الاخرى المختلفة .. فبداية الوعي التفكير فى الاسئلة الصعبة وليس الاستماع الى الذات !.. والبحث عن طريق ثالث يتطلب مراجعات عميقة وليس مجرد تبديل خيارات !.
يتبع 2 (1 من3).  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قيل عن بــرقة "سُمع عمرو بن العاص يقول على المنبر في أهل برقة: هم أصحاب عهد إن عاهدوا".

صب المر كان المر طاب .. مفيش امر من فرق الأحباب

هذا زجاج من صحراء ليبيا غالي الثمن ومستكشف حديثا وله سمعة في سوق المعادن الثمينة