فوزي عمار: ليبيا بين فرصة الديموغرافيا وخطر الجيوبولتيك
ليبيا بين فرصة الديموغرافيا وخطر الجيوبولتيك
(الجغرافيا قدر الأمم)
1. الفرصة الديموغرافية
يطرح مفكري السياسات السكانية مصطلح الفرصة أوالهبة الديمغرافية للتعبير عن وجود نسبة كبيرة من الشباب في مجتمع ما. وليبيا أحد هذه الدول حيث أن نسبة الشباب فيها تصل إلي 65 % من إجمالي عدد السكان وهذا يعني وجود قوة دفع اقتصادي غير مستغلة حتي الآن وتم تحويلها الي عنصر هدم للحياة وقتل بدلا من عنصر إحياء لمجتمع ودولة تكاد ان تنتهي وتتلاشى..
طبيعة الشعب الليبي تمتاز بأنها طبيعة تميل للعمل التجاري أكثر من الزراعي والصناعي وحتي الخدمي. فلو وجد من يخطط وينفذ لمستقبل للتنمية مستدامة يكون جوهرها الإنسان خاصة أن هذه الفرصة لا تستمر كثير فعمرها لا يتجاوز 20 سنة لأنها تتغير بدخول الشباب سن الكهولة.
وإذا عرفنا أن هناك تناقص مستمر في معدل نمووعدد السكان في ليبيا مما يهدد بتغير التركيب العمري للسكان خاصة بعد أحداث فبراير 2011 وما حصل من وفيات وإعاقة لأرقام كبيرة من السكان خاصة الشباب فإننا سنعرف يقينا أننا نخسر هذه الفرصة والهبة.
وإذا أضيف لها عوامل أخري منها المساحة الجغرافية الواسعة والتوزيع السكاني المشوه ونضوب المصدر الوحيد للدخل وهوالنفط في غياب أي بدائل لصناعة الثروة وتراكمها كما أن عدم قدرة ليبيا علي السيطرة علي حدودها سيزيد من الهجرة الأفريقية واستيطانها في ليبيا فمثلا 4 دول فقط من دول الجوار هي مصر والسودان وتشاد والتيجر سيصل حجم سكانها جميعا قرابة 200 مليون نسمة في 2020 والتي تعيش في ظل ظروف اقتصادية قاهرة.
التهديد الاخر هو التركيز علي مدن الساحل خاصة طرابلس لوجود الرواج الاقتصادي فيها وتهميش مدن الجنوب لذلك ستشهد مزيدا من النزوح وتكدس سكاني وظهور عدد من العشوائيات التي ستهدد الحياة في المدينة من خلال المهن الغير مشروعة في هذه العشوائيات مثل تجارة المخدرات والخمور والعصابات والتطرف المصاحبة لحالة الفقر المدقع مع حالة التفكك الاجتماعي.
لذلك من المهم من الآن التفكير فى معالجة علمية لمشكلة السكان ووضع سياسات سكانية مدروسة تراعي النموالسكاني وتربطه بالنموالاقتصادي علي غرار ما يجري في العالم المتحضر اليوم.
2. خطر الجيوبولتيك الليبي
لم يحظى مصطلح في المدرسة الفرنكوفونية بشهرة مثل مصطلح الجيوبولتيك الذي يعني بالجغرافيا السياسية في وضع ليبيا جغرافيا بقرب دول مثل مصر والسودان وتشاد والنيجر وتونس والجزائر. جيوبولتيك دول الجوار يختلف في كل دولة لأخرى من مصر التي سيطر عليها جيش وطني بعد صراع عنيف مع جماعة الإخوان قادهم الي السجون وما زالت النار تحت الرماد.
الجار الجنب الآخر هوالسودان والنظام اخواني حتي النخاع الذي يتماهي وداعم بشكل كبير للإخوان المسلمين في ليبيا، تأتي تشاد الحليف القوي لفرنسا والتي تحتضن قبائل التبوالتي لهم قرابة وتصاهر مع قبيلة التبوالليبية هذا الوضع ايضا ينطبق علي دولة النيجر الحدودية مع مالي التي هي مسرح لعمليات فرنسية ضد الإرهاب ولازالت في تحالف مع فرنسا ضد الإرهاب.
ثم تأتي الجزائر الدولة الكبيرة والغنية والجيش القوي التي لديها حساسية من مشكل الارهاب ايضا حساسية وتنافس من التواجد المصري في ليبيا، الجزائر التي أكتوت بنار الإرهاب في العشرية السوداء التي قادها الأفغان العرب العائدون من أفغانستان (الجيل الثاني للقاعدة) ومازالت تري في تردي الأوضاع في ليبيا خطر يهدد الأمن القومي الجزائري فقد قامت بنشر أربعين الف جندي علي الحدود مع ليبيا خوفا من الخطر القادم من الشرق.
تأتي تونس الدولة الأهم التي هي ليبيا أخري بحكم القرب الجغرافي والعرقي والقبلي خاصة في الجنوب والتداخل الاقتصادي الذي لم يتطور لمستوى طموحات الشعبين فتشابك الاقتصاد الليبي والتونسي لم يصل لمرحلة اندماج كامل حتي في أقرب الاحتياجات مثل سوق حرة مشتركة بقرب الحدود المشتركة. تونس التي وصل عدد كبير من شبابها للاندماج في تنظيمات إرهابية مثل داعش تعمل علي الساحة الليبية.
ومازلنا في ليبيا دون دراسة كافية لمعرفة هؤلاء المنخرطين وأسباب انضمامهم الاقتصادي والعقائدي وغيرها لتفكيك هذه الالغام البشرية الموقوتة... الكثير من المجهودات تحتاجها ليبيا لفهم البعد الجيوبلتيكي حولها قبل بناء دولة مستقرة، فالجغرافيا قدر الأمم.
اخيرا، لا ننسى قرب ليبيا من الاتحاد الأوروبي وأن ما حدث في عملية سوسة الإرهابية من مقتل 40 بريطاني قال عنه الإنجليز أن سببه الإرهاب في ليبيا، فاوربا تريد من ليبيا محاربة الإرهاب والحد من الهجرة غير شرعية خوفا من اتحاد هذين المشكلتين في تداخل هدام وإنتاج مشكلة ثالتة هي هجرة الإرهاب.
26/12/2015
تعليقات
إرسال تعليق