الليبرالية والوجودية ، محاولة للفهم !؟ .... سليم الرقعي
الليبرالية والوجودية كلاهما ذات نزعة فردية ولكن هناك فرق بينهما ، فالليبرالية هي عقيدة وفلسفة اجتماعية تجعل من الفرد الانسان هو حجر الاساس للمجتمع الانساني ومن ثم يجب على هذا المجتمع والنظم الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تضبط حياة ومسار هذا المجتمع احترام فردانية هذا الانسان الفرد واحترام خصوصيته وخياراته وممتلكاته وعدم التغول والتطفل على مجاله الشخصي والفردي والعائلي الخاص او الاعتداء على ممتلكاته ، الا ان الليبرالية ليست ضد المجتمع والدولة ولكنها تنظر اليهما على انهما وسيلتان لحماية وصيانة فردية الانسان وحقوق الافراد ، فالسؤال الذي انبثقت عنه الليبرالية هو كالتالي : (أيهما جدير بالاعتبار اولا الفرد أم الجماعة/الامة/القوم/الوطن/المجتمع/الدولة)!؟ ، فالليبرالية فلسفة اجتماعية انسانية موضوعية بينما الوجودية هي فلسفة فردية محضة تنطلق من ذات ووجود الانسان والفرد وتعكس محاولة كل فرد ان يفهم وجوده الذاتي والشخصي من خلال المحاولة للإجابة عن الاسئلة التالية : ( من انا !؟ وماذا أفعل هنا !؟ ولماذا انا الآن بهذا الشكل وفي هذا الوضع !؟ وما هو مصيري !؟) ، ولهذا هناك في الوجودية رؤى واجابات مختلفة ومتعارضة بين وجودية ملحدة لا تؤمن بالله وعالم الغيب ووجودية مؤمنة بالغيب ، ووجودية هادئة اصلاحية ووجودية غاضبة ساخطة ثورية وجذرية بل قد تبالغ احيانا في انكار الموضوع/الواقع او معادة المجتمع واحتقاره انتصارا للذات والانا الى درجة معها اعتبر بعض الوجوديين (الآخر هو الجحيم!) بل واعتبر بعضهم الآخر بالنسبة له مجرد وهم ، وهم يحاول تكدير صفو حياته وتفكيره ووجوده ! ، فالوجودية هي تعبير عن حيرة وعذابات ومعاناة الذات الفردية المفكرة وسط تعقيدات وتقلبات الحياة في توقها للتحرر التام من سيطرة وتدخل الآخرين ، وصاحب الفكر الوجودي هو في الغالب يملك حساسية كبيرة بالوجود فإحساسه بذاته كبير جدا واحساسه بهذا الوجود وبالواقع الانساني كبير جدا وهذا الاحساس الضخم هو احساس اكثر من اللازم واكثر من المعدل الطبيعي والمعتاد وبالتالي تترتب عليه احاسيس مضخمة بالألم والخوف والقلق ، فهذا النوع من البشر اذا لم يجد الطمأنينة في عقيدة دينية او فلسفة وجودية معتدلة تخفف من وطأة وشدة وحدة هذه الاحاسيس الوجدانية الضخمة بالخوف والقلق والحيرة والغضب والسخط وتعطيه معنى لوجوده يسليه ويلطف من معاناته الوجدانية المستمرة فهو اما ان يصبح فيلسوفا ملحدا غاضبا حانقا او فيلسوفا لا ادريا حائرا يقطر بالحيرة والالم حيث سار او يصبح بالنهاية نزيلا للمصحات النفسية والعقلية او متعاطيا للخمور والمخدرات والمغيبات العقلية او يختار انهاء وجوده المؤلم والمخيف بالانتحار ! ، الا انه هناك وجودية أخرى غير ملحدة بل هي مؤمنة بالله والغيب ومتدينة وهي بالتالي في محاولاتها للإجابة عن الاسئلة الوجودية المحيرة تتناغم مع هذا الايمان الديني بالغيب بشكل فردي ذاتي وتجريب ذاتي (تصوفي) بعيدا عن املاءات الآخرين والمؤسسات الدينية التقليدية !.
الخلاصة :
من وجهة نظري ان الليبرالية غير الوجودية ، فالليبرالية فلسفة اجتماعية تقيم نظاما اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وقانونيا بينما الوجودية هي رؤى وفلسفات فردية ذاتية متعددة ، صحيح ان الوجودي هو ابن البيئة الليبرالية التي تعلي ، على الاقل من حيث المبدأ النظري والفلسفي ، من شأن وقيمة الفرد ولكن الوجودي يتمرد احيانا حتى على هذه الفلسفة الليبرالية ونظامها السياسي والاقتصادي ، فكل وجودي ليبرالي من حيث الاصل ولكن ليس كل ليبرالي هو وجودي بالضرورة .
هذا ما فهمته من اطلاعي على الليبرالية والوجودية حتى الآن وهو فهم ليس نهائيا بالطبع بل هو قابل ، مع زيادة الوعي والاطلاع والتأمل ، الى التطوير والتحوير بل وربما حتى الى التغيير !.
******************
سليم الرقعي
صفر 1437 هجري/عربي
ديسمبر 2015 ميلادي/غربي
الخلاصة :
من وجهة نظري ان الليبرالية غير الوجودية ، فالليبرالية فلسفة اجتماعية تقيم نظاما اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وقانونيا بينما الوجودية هي رؤى وفلسفات فردية ذاتية متعددة ، صحيح ان الوجودي هو ابن البيئة الليبرالية التي تعلي ، على الاقل من حيث المبدأ النظري والفلسفي ، من شأن وقيمة الفرد ولكن الوجودي يتمرد احيانا حتى على هذه الفلسفة الليبرالية ونظامها السياسي والاقتصادي ، فكل وجودي ليبرالي من حيث الاصل ولكن ليس كل ليبرالي هو وجودي بالضرورة .
هذا ما فهمته من اطلاعي على الليبرالية والوجودية حتى الآن وهو فهم ليس نهائيا بالطبع بل هو قابل ، مع زيادة الوعي والاطلاع والتأمل ، الى التطوير والتحوير بل وربما حتى الى التغيير !.
******************
سليم الرقعي
صفر 1437 هجري/عربي
ديسمبر 2015 ميلادي/غربي
تعليقات
إرسال تعليق